أقف مشدوهة وأنا أشاهدك
كم تكون رقيقاً وساحراً إذ في هدوئك وسكونك يكمن كل الجمال
يسحر الناظر إليك بنقاء أديمك
ذلك الأديم الذي اكتمل رَناهُ بذيّاك اللون الفيروزيّ الأخّاذ
فبدا وكأنه لوحة صافية فريدة رائعة لا نهاية لها تعانق الآفاق البعيدة
تلك الآفاق التي تعد النفوس اليائسة بالآمال الواعدة
بكلّ المنى الغائبة فتهدأ وتطمئن
ويسرح الخيال متجوّلاً في دنيا الحسن والبهاء اللاّمحدودين
تلك الدنيا المنشودة التي طالما
أمضينا الكثير والكثير من الوقت بحثاً عنها
وها هي اليوم أمامنا بكل سحرها الفتّان
تدعونا إليها بل تحثنا على ولوج عالمها الآسر
وإذا بنا ننفض عنّا ما علق بنا من شوائب الزّمن ومنغصّاته
وبدأنا نستعد ونتهيأ لتلبية دعوتها
إذ بسُحُب حُبْلى تلوح في الأفق وإذ بدوي رياح عاتية شديدة
وإذ باللوحة الفيروزيّة الهادئة تهتز
وأخذ لونها الجميل الصافي في التغيّر إلى لون رماديّ مخلوط بزرقة قاتمة
لون حزين غامق بدل سابقه المُشعّ ضياءً وبهجة
فاهتزت اللوحة أكثر وأكثر وهاجت
وبدأت أمواج عالية في الظهور الواحدة تلو الأخرى والزّبد يتطاير منها
وكأنها تعبّر عن غضبها إذا نحن اقتربنا من اللوحة
وكأنه ليس لنا الحقّ في الدّنوّ منها
فبدت كجسور منيعة تصدّنا وتمنعنا من تجاوز مكاننا المعتاد
وكأن تلك اللوحة الفريدة في دنيا الجمال ليس لنا نصيب منها
أو ربّما أننا لم نُوفّق في اختيار الظّرف المناسب لدخول هذا العالم البهيج الواعد
وربّما قد يأتي ذلك الوقت في يوم من الأيام
فبقيت مكاني أرقب وأرقب ولسان حالي يردّد ويقول
يا سبحـــان الله.
مواقع النشر (المفضلة)