صناعة الخزف معروفة منذ القدم
وقد أبدعت فيها أمم حتى أصبح فنا قائما بذاته
ومن هنا رأينا فنانين طوروا هذا الفن وأصبحوا في هذا المجال هم الرواد
الفنان المصري الراحل د/ محمد درويش كان من هؤلاء العباقرة
القلائل الذين استطاعوا تغيير مسار فن صناعة الخزف
*****************************
د. نبيل محمد درويش
ما أن تلج طريق هرم سقارة بعد أن تعبر شارع الهرم الصاخب في اتجاه قرية الحرانية الشهيرة بصناعة الكليم اليدوي الفطري حتى تطالعك لافتة متحف نبيل درويش للخزف، وعلى الرغم من إحساسك بالزهو إزاء وجود متحف للخزف، خاصة وأن نبيل درويش أضاف 27 ابتكارا لفن الخزف وتقنياته.
إلا أن المتحف يعاني من آثار المياه الجوفية التي أدت إلى تداعي المبنى، وتهدد العرض المتحفي، وهي المشكلة التي تشكل عبئا ورعبا للعديد من المزارات الفنية في منطقة طريق سقارة، بما في ذلك بيت الفن بالحرانية والذي شهد تجربة رائدة للمربي الفنان حبيب جورجي وصهرة رمسيس ويصا واصف في إطلاق الكوامن الإبداعية الفطرية للأطفال والفلاحين سواء في الخزف أو الكليم، تلك الإبداعات والمنتجات التي غزت عواصم العالم فنيا وثقافيا وتعليميا.
والفنان الراحل من مواليد إحدي قري الوجه البحري وهي قرية السنطة بالقرب من مدينة طنطا بمحافظة الغربية سنة 10/09/1936 ، وتفوي سنة 27/6/2002
بدأ حياته كأقرانه في القري في كتاب القرية ينفر من الكتاب ويهرب في الحقول، يعتلي إحدي الأشجار ويجلس بين أغصانها متأملا الحقول الخضراء الممتدة أمام عينيه,, يراقب ما يدور حوله من حركة يلتحم فيها الإنسان والحيوان بالطبيعة في توحد متقن، ووجد ضالته في الطبيعة فراح يرشف منها بحواسه كلها، فكانت تلك هي البداية التي اعتملت في نفسه كي يصبح فنانا.
ويقول الفنان نبيل درويش عن هذه الفترة المبكرة من حياته: منذ أن أمسكت راحتاي الصغيرتان بتراب الأرض وطين الترع فاعتملت في نفسي الرغبة منذ الصغر أن أصبح فنانا ورحت أرسم وأنحت ثم تبينت أنني متجه بكل جوارحي إلي فن الإنسانية الأول ، وهو الإبداع بالطينة المحروقة فاخترت لنفسي الخزف والتحقت عندما شبيت عن الطوق بكلية الفنون التطبيقية. وقد بدأت مسيرة الفنان نبيل درويش في فن الخزف في كلية الفنون التطبيقية التي تخرج فيها عام1962، ثم التقي بأستاذه رائد فن الخزف المعاصر الفنان سعيد الصدر الذي أولاه كل رعايته وعلمه في أحسن صورة وتدرب في ورشته التي أنشأها في الفسطاط كمؤسسة من مؤسسات وزارة الثقافة باسم مركز الخزف، كما وجد أن فن الخزف شديد الارتباط بفني النحت والتصوير فالتحق في أوقات الفراغ بالقسم الحر في كلية الفنون الجميلة ودرس فن التصوير علي يد الأستاذ أحمد زكي وفن النحت علي يد المثال جمال السجيني الذي تعلم منه الكثير مما أفاده في فن الخزف وهو ما جعل منه أيضا نحاتا ناجحا حيث حصلت بعض تماثيله علي جوائز مثل تمثال الأمومة الذي أصبح بعد ذلك أحد مقتنيات متحف الفن الحديث متصدرا مدخل مبناه.
وبرغم ما أحاطه به أساتذته من عظيم رعاية فإنه دائما وأبدا ما كان يعتبر الطبيعة معلمه الأول، ففي كل صيف كان يحمل أدواته وأوراقه وألوانه ويطوف في ريف مصر وصعيدها راسما نواحي كثيرة من قري مصر، وفي نفس عام تخرجه أقام معرضه الأول بقصر هدي شعراوي الذي كان مقر متحف الفن الحديث، وقد حازت أوانيه وتماثيله ورسومه إعجاب جمهور المعرض مما كان باعثا له علي بذل الجهد الشاق والدءوب كي يصبح فنانا حقيقيا
مواقع النشر (المفضلة)