الأصل اللغوي لكلمة حراج وغابة
إذا رجعنا إلى لسان العرب للعلامة ابن منظور نجد أن كلمة ( حراج ) أو الأحراج (جمع حرجة )
مستعملة منذ القدم عند العرب
للدلالة على مكان كثيف الشجر يصعب اجتيازه .
الحرجة :هي الغيضة لضيقها ، وهي منحدرة من الحرج أي الضيق أو بالأحرى " أضيق الضيق " .
والحرج فيما فسره ابن عباس هو الموضع الكثير الشجر الذي لا يصل إليه الراعي .
وعن الجوهري : مكان حرج وحرج ( بفتح الحاء والراء في الأولى ، وفتح الحاء وكسر الراء في الثانية ) ،
أي مكان ضيق كثير الشجر .
وقيل الحرجة تكون من السمر والطلح والعوسج والسكم والسدر .
وقيل هو ما اجتمع من السدر والزيتون وسائر الشجر .
قال الأزهري : قال أبو الهيثم : الحراج غياض من شجر السلم ملتفة لا يقدر احد أن ينفذ إليها .
وقال الجوهري : الحرجة مجتمع الشجر .
إن كلمة "غابة " مستعملة أيضا منذ القدم عند العرب .
فالغابة هي الأجمة ذات الشجر المتكاثف ، لأنها تغيب ما فيها .
ويقال " غابة من الرماح " ما طال منها وكان لها أطراف ترى كأطراف الأجمة .
قال ابن الأثير : الغابة غيضة ذات شجر كثر وهي على تسعة أميال من المدينة .
قال أبو حنيفة : الغابة أجمة القصب ، قال وقد جعلت جماعة الشجر لأنه مأخوذ من الغيابة .
يتضح مما سبق أن العرب استخدموا كلمتي حراج وغابات منذ القدم للدلالة على الأمكنة الكثيفة الشجر .
واستعملت هاتان الكلمتان في المشرق العربي للدلالة ذلك ولا يزال استعمالهما لهذا الغرض حتى وقتنا هذا .
إلا أن كلمة حراج غير مستعملة في المغرب العربي إلا حديثا وفي اللغة العلمية فقط ،
لذلك لانجدها في المؤلفات العلمية واللغة الشعبية والنصوص الرسمية ، حيث تستعمل كلمة " غابات "
ومن الجدير بالذكر إن كلمة حراج( بكسر الحاء ) هي الأكثر شيوعا من كلمة غابات في المشرق العربي
سواء في اللغة الشعبية أو النصوص الرسمية واللغة العلمية
وبناء على ذلك ، احتفظ الدكتور إبراهيم نحال أستاذ علم الحراج والغابات في جامعة حلب بسوريا
بهذه الكلمة مقابل المصطلح الانكليزي / Forestry /والفرنسي / Foresterie / واسماه / علم الحراج /
إن كلمة حراج وإحراج وأحراش ( جمع حرش بالعامية) كانت تستعمل في كتبنا القديمة .
، فمنذ الأيوبيين في مصر مثلا كان الأديب ابن مماتي يقول في كتابه النفيس الموسوم
بقوانين الدواوين :" الحراج السلطانية لا الغابات السلطانية "
وظل لفظ الحراج يستعمل في زمن المماليك وفي قوانين الدولة العثمانية ،
ثم في قوانين الأقطار العربية التي انفصلت عنها بعد الحرب العالمية الأولى
فلا مجال إذن لترجيح لفظ الغابات عليه ( عن مصطفى الشهابي 1962 ) . ويقول الدكتور إبراهيم نحال :
أما كلمة " غابة " وجمعها غابات فقد استعملناها للدلالة على " المجتمع النباتي الذي تكون فيه الأشجار هي السائدة "
كما استعملناها تخصيصا أمام كلمة High Forest بالانكليزية و / Futaie / بالفرنسية في تربية الغابات .
المرجع / كتاب " علم الشجر " / الدندرولوجيا / لأستاذنا الكبير الدكتور إبراهيم نحال أستاذ الحراج والبيئة في جامعة حلب -
منشورات جامعة حلب – 1424- 2003
مواقع النشر (المفضلة)