فالطرفان ظرفان لإقامة الصلاة المفروضة، فعلم أن المأمور إيقاع صلاة في أول النهار وهي الصبح، وصلاة في آخره وهي العصر، ويكون ذلك هو المراد من الغداة والعشي الذي كثر ورودهما في آي التنزيل وفي السنة المطهرة ( والزلف جمع زلفة)، وهي الساعة القريبة من أختها، وهذا أيضاً يُعلم منه أن المأمور به، إيقاع الصلاة في طائفة من الليل الذي يبدأ من صلاة المغرب وهي - بالطبع- غير الصلاة التي في طرفي النهار(1)
وفي بصائر ذوي التمييز قوله:
(وأقم الصلاة طرفي النهار)
أي الغداة والعشي(2) وفيه: قوله تعالى:
(طرفي النهار) أي الفجر والعصر(3)
روي ذلك عن الحسن وقتادة والضحاك ونص عليه الزمخشري والبيضاوي(4) واستظهره أبو حيان بناء على أن طرف الشيئ يقتضي أن يكون من الشيئ، والتزم أن أول النهار من الفجر(5). وعليه فقد وجب - على حد قول الرازي- حمل الطرف الثاني على صلاة العصر(6)، فيكون المراد
(1) التحرير 12/179 من المجلد 6 بتصرف.
(2) البصائر 3/503 وينظر الكشاف 2/296.
(3) البصائر 3/503.
(4) ينظر الكشاف 4/200 وتفسير البيضاوي بحاشية الشهاب6/256والآلوسي 12/234 مجلد 7.
(5) ومن جعله من طلوع الشمس، عدّ الصبح كالمغرب طرف مجازي،وجعْله حقيقة فيهما، هو من زخرف القول لما ذكرنا من أدلة.
(6) مفاتيح الغيب 8/631 .
فيكون المراد به العشي، إذ ليس قبل غروب الشمس سواه.
وأصرح من ذلك في دلالة (الطرف الثاني) على (العشي) المأمور فيه بالتسبيح، قوله تعالى في ذات الأمر، وفي إطلاقه على نفس الوقت:
(وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) (طه/130)
وقوله في سياق مماثل:
(وقبل الغروب) (ق/39)
إذ ليس قبل الغروب- لتأدية ما صدر الأمر به في العشي من تسبيح- خلا العصر، وعليه فإنه لا يجوز أن يكون المراد من (العشي) صلاة المغرب، على ما هو المختار لدى الطبري وغيره والمروي عن ابن عباس، لأن ما ذكروه يعكر صفوه الأدلة التي سقناها، وكونها داخلة تحت قوله تعالى:
(وزلفا من الليل)(1)
اللهم إلا على سبيل الحمل على المجاز فإنه يسوغ حينذاك، لأن ما يقرب من الشيئ يجوز أن يطلق عليه اسمه(2) ولعل الذي حدا بمن ذهب إلى هذا لأن يقول به، ويجعله أحد قولين مشهورين في معنى التسبيح بالغدو والآصال كما سيأتي بيانه، تعذر العمل بظاهر هذه الآية لإجماع الأمة على أن إقامة الصلاة في ذلك الوقت غير مشروعة، فتعين من ثمّ تفسير الطرف الثاني بصلاة المغرب ، وجوابه أن هذا التعين محمول على المجاز، وذلك لا يمنع من أن يكون مراده على الحقيقة هو العصر، وعليه فإن كان النهار في أول الفجر إلى غروب الشمس فالمغرب (طرف)، مجازا وهو حقيقة طرف الليل، وإن كان من طلوع الشمس إلى غروبها فالصبح كالمغرب طرف مجازي(3) والحقيقة فيه هو ركعتا الضحى، يعضد هذا قوله سبحانه في حق داود عليه السلام :
(إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق) (ص /18)
وكذا ما ورد من الآثار ومن أدلة السنة المطهرة مما يفيد أن الإشراق مراد به صلاة الضحى.
(1) مفاتيح الغيب 8/631 بتصرف.
(2) السابق.
(3) الآوسي 12/234 مجلد 7وينظرالوجوه والنظائر للدامغاني 2/49.
كما يرد عليه الآية الكريمة:
(ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال)(الرعد/15)
إذ وقوع الآصال الذي يفيده، في مقابلة ما يقابله غالباً وهو (الغدو)، يشير إلى تعيين المراد من العشي، ويوجب أن يكون المراد به ما قبل غروب الشمس لان ظلال الأشياء لا تحدث - كما هو متعالم لدى الخاصة والعامة- إلا فيما بين طلوع الشمس وغروبها، ويردعليه كذلك قوله تعالى:
(وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل) (هود/114)
لأن الإقامة : وهي إيقاع العمل على ما يستحقه، تقتضي أن يكون المراد بالصلاة هنا الصلاة المفروضة، فالطّرفان ظرفان لإقامة الصلاة المفروضة، فعلم أن المأمور إيقاع صلاة في أول النهار وهي الصبح، وصلاة في آخره وهي العصر، ويكون ذلك هو المراد من الغداة والعشي الذي كثر ورودهما في آي التنزيل وفي السنة المطهرة - والزلف جمع زلفة- وهي الساعة القريبة من أختها، وهذا أيضا يُعلم منه أن المأمور به، إيقاع الصلاة في طائفة من الليل الذي يبدأ من صلاة المغرب وهي بالطبع غير الصلاة التي في طرفي النهار(1).
وفي بصائر ذوي التمييز: قوله:
(وأقم الصلاة طرفي النهار) أي الغداة والعشي(2).
وفيه قوله تعالى:
(طرفي النهار) أي الفجر والعصر(3).
رُوي ذلك عن الحسن وقتادة والضحاك ونص عليه الزمخشري والبيضاوي(4) واستظهره أبو حيان بناء على أن طرف الشيئ يقتضي أن يكون من الشيئ، والتزم أن أول النهار من الفجر(5). وعليه فقد وجب - على حد قول الرازي- حمل الطرف الثاني على صلاة العصر(6)، فيكون المراد
(1) التحرير 12/179 من المجلد 6 بتصرف.
(2) البصائر 3/503 وينظر الكشاف 2/296.
(3) البصائر 3/503.
(4) ينظر الكشاف 4/200 وتفسير البيضاوي بحاشية الشهاب6/256والآلوسي 12/234 مجلد 7
(5) ومن جعله من طلوع الشمس، عد الصبح كالمغرب طرف مجازي،وجعْله حقيقة فيهما، هو من زخرف القول لما ذكرنا من أدلة به العشي، إذ ليس قبل غروب الشمس سواه.
(6) مفاتيح الغيب 8/631 .
يتبــع
مواقع النشر (المفضلة)