سُئلتُ فَكدْتُ شَقًاءً أَذُوبْ * كأنى بيوم إمتحان رهيب
فَفِى الْفصلِ عِنْدِي غِلام لَهُ * برغم الحداثة لب الأريب
يَقُولُ الغُلاَم بِصَوتٍ عَنيفْ* ونبرة حزن ووجه كئيب
تَمهَّلْ عَنْ الشَّرْحِ أُسْتَاذنَا* أجبنا لماذا نسينا الخطوب
وَعَادتْ إِلينَا صنُوفُ الحَياةِ * أحقا نسينا الفؤاد السليب
أَمَا كَانَ أَوْلَى بِهذَا اللَّقاءْ* لقاء مع الثأر يشفى القلوب
أَمَا كَانَ أَنفْعُ مِنُ دَرسنَا* دروس تعلم فن الحروب
فَقُلتُ أَجَلْ يَا بُنَيّ أَجلْ* فلا تترك النفس نهب الملل
فَإنَّا نَسِيرُ بِنَفْسِ الطَْرِيقْ * وما العلم إلا سبيل العمل
وثق أَننَّاَ فِي غَدٍ مُقدِمُونْ * على الثأر مهما يطول الأجل ؟
فكُلّ يُجاهدُ فِى دَرْبهِ * طريقا عرفناه منذ الأزل
وَجيشُ البلاَدِ كَفيلٌ* بِمَا تريد بنى الأبى البطل
سَيفْنَى العِداةَ فَكنْ هَهُنَا * مع الدرس حتى تصير الرجل
فَقالَ الصَّغيرُ لَقدْ شَيبَتنِى* صروف الليالى وقد عذبتنى
أَمنْ بِعدِ ماضٍ تَليدٍ تَوارَى* تظن الجهاد رهينا بسنى
وَكمْ مِنْ كبيرٍ بِرغْمِ المَآسِى* تولى ضحوكا وأمس يغنى
بِلادُ العُروبَةِ سَالتْ دِمَاهَا * ومن بعد ذاك تريد التأنى
وَأرضُ العُروبةِ تَبكِى وَتبْكِى* ونعلن بسمتها فى تجنى
حَرامٌ علَى الحُرِّ طَعمُ الحَياةَ* دع النصح والعلم دعينى وشأنى
فَقلتُ لأَبعثَ فِيهِ الأْمَان * وشيكا سيهدأ منك الجنان
قَريباً نُحرِّرُ أَوطَاننَا* ويصفو الزمان ويحلو المكان
هَلُم نُناقش تعبيرنَا * إلى الدرس أمسك عليك اللسان
وَدعْ مَا لِغَيركَ رَهْناً بهِ* فقد لانمارس حربا عوان
نُريدُ السَّلامَ لأَوطاننَا * سلاما يخفف وطء الهوان
هَلُم نُناقِشُ تَعْبيَرنا * إلى الدرس أمسك عليك اللسان
فَثارَ الْغلاَمُ الأَبىّ الصَّغِيرْ* وقال كفانا الكلام الكثير
سَئِمنَا الحِوَارَ كَفَى مَا مَضَى* فما عدت أسمع دون النفير
أَرَى الزَّحفَ فَرضاً وَويل لَناَ * إذا لم نلب نداء الضمير
وَسائِلْ ضَميركَ هَلاَّ تَرَى* دموع الحيارى السخين العزيز
فَليتَكَ تُبصرُ أَهلَ الخِيام * وكيف يلظون نار الهجير
وَبَردُ الشِّتَاءِ وَجُوع البُطون* وعشرون عاما ولا من مجير
فَقُلتُ قَرِيباً سَيمحَى الظَّلامْ* ونطلق فوق الروابى الحمام
ونُنْشدُ أنشودَةِ الظَّافِرينْ* فننثأر للقدس مهد السلام
فكُنْ صَابراً مُطمئِنَ الفُؤاد* فإنا جميعا هجرنا المنام
وَجُرحُكَ جُرحِى وَجُرح الجَميعْ* جرحنا بسيف افتقاد النظام
وَلكِْن أَنَاةً أَناةً بَنى* مع الصبر نبلغ كل المرام
فَقَالَ لَقدْ مزَّقَ الصَّبرُ صَدرِى* وهاتيك فى الكف رأرسى وعمرى
لَئنْ لَمْ أفدِى بلادِى سَأمْضِى* وعارى يجلل بالخزى نحرى
هُنَاكَ سَأَلقى احْتَقارَ الشَهِيد* كما يشمئز من الجسم قبرى
سَأَلتُكَ بِاللهِ أُسْتَاذَنَا* متى الحرب قل لى إن كنت تدرى
إِلام سَنصْبرُ هَلْ يَا تُرَى رضينا المهانة من بعد فخر ؟
إِلامَ نُنَمِّقُ عَذبَ الْحَدِيث * أحاديث تتلى ونثر وشعر
فَقلتُ بُنَىَّ حَمتكَ السَّماء* وحتما ستبلغ كل الرجاء
ووجهت قولى للآخرين* وماذا تقولون يا اصفياء
فَقُالُوا بِصَوتٍ شَبيهَ الزَّئِير* نلبى النداء فيحيا الفداء
فََلا فَخرَ وَالعَارُ هَيَا ِبنَا* ليخفق فوق الرؤس اللواء
وَمَا الجَيش إلاَّ دَليلا لَنَا* وفى الحرب جيش وشعب سواء
هَلُمّ نُجَاهدُ أُستَاذَنَا* لنمحوا ما خلف الأعتداء
وَقالَ الغُلامُ سَأَمضِى أَنَا* وكيف أظل حبيسا هنا
فُؤَادِى يَودُّ لقَاءَ الْعِدَا فعود ُ الكرامة كل المنى
وكيفَ تَطيبُ حَياة الجَرِيح ؟ لئن لم تسيروا سأمضى أنا
لِنمْضِ جَميعاً صِغَاراً كِبَاراً* فما اليوم إلا لأوطاننا
دَعُونَا دَعُونَا وَأَحْقادنَا* تعيد الكرامة أظفارنا
فَلا عَيشَ وَالذل هَيّا بِنَا تعيد الكرامة أظفارنا
ويا سَادَتى إِنَّنِى أَعتَرِف* سئمنا سئمنا دروس الغرف
دُروسُ الأَعِزَّة فَوْقَ التّلاَلْ* وبين الخنادق دون الترف
لِنُرْجِعَ بِالبَأسِ أَمجَادنَا * فبالدم تُروى بذور الشرف
وَمَا الفَخرُ إِلاَّ دِمَاءَ تُراقْ* وليست معارك بين الصحف
لِنَحملْ جَمِيعاً سِلاحَ الفِدَا * مسيرًا مسيرًا لكى ننتصف
وَإِلا حَياةً طَواهَا الظَّلاَم* وعندئذ لا يُفيد الأسف
للشاعر
عبد القوي الأعلامي
مواقع النشر (المفضلة)