مَثَلٌ عربي شهير يضرب لمن ضيّع الفرصة ، وفوّت الغنيمة ، وترك المجال الرحب الواسع ، ولم يكن له من ذكاء عقله ومن شرف نفسه ومن قوة عمله ما يجعله محصلا لمكاسب دنياه ومدخرا لمآثر أخراه .
ويمضي الإنسان بذلك دون أن يدرك أن ما يضيعه إنما هو جزء حقيقي مهم من عمره وحياته ، وأنه يبدد من رصيده ويفني من كنوزه ما قد يكون أقل القليل منه موضع ندامة وحسرة شديدة وأكيدة وعظيمة في وقت لا ينفع فيه الندم
وهذا حال الكثير منّا وللأسف لا يدركون أنهم كانوا على خطأ وضيّعوا الكثير إلا بعد فوات الأوان .
وقصة هذا المثل أن امرأة تزوجت رجلاً شهماً كريماً ، يغدق عليها طعاماً وشراباً ولبناً سائغاً للشاربين مع حسن معاملة وإجلال وإكرام ، لكنها لم تقابل ذلك باعترافها بالنعمة وشكرها لها وانتفاعها منها ، وحرصها عليها وقابلت ذلك بإعراض وتضييع ، وبجحود وإنكار ، فكانت العاقبة أن طلّقها ثم تزوجها غيره ، لم تجد عنده يداً مبسوطة بالكرم ، ولا وجهاً مشرقاً بالسرور ، ولا معاملة محفوفة بالإعزاز والإكرام ، فتندمت وتحسّرت على ما فات عليها وما ضاع منها ، لكنها لم تنحو باللائمة على غيرها ، وإنما خاطبت نفسها تذكّرها تفريطها ، وتبيّن لها سوء تدبيرها ، فقالت :
" الصيفَ ضيّعتٌ اللبن "
ومضى مثلاً لكل من أضاع الفرصة وفرط في الغنيمة .
كان لذي الأصبع العدواني وهو: (حرثان بن الحارث من عدوان ينتهي نسبه إلى مضر شاعر حكيم لقب بذي الأصبع لإن حية نهشت إصبع رجله فقطعها .) كان له بنات أربع فعرض عليهن الزواج فأبين وقلن : خدمتك وقربك أحب إلينا، ثم أشرف عليهن يوماً من حيث لايرينه فقلن : لتقل كل واحدة منا ما في نفسها فقالت : الكبرى : ألا هل أراها مرة وضجيعها أشـــم كنــصل السيــف عين مـــهند عليم بإدواء النساءوأصلــــه إذا ما انتمى من أهل سري ومحتدي
فقلن : لها أنت تريدين ذا قرابة قد عرفته
ثم قالت الثانية : ألاليت زوجي من أناس أولي غـــنى حديث شبـاب طـيب الثوب والعـطر لــصــــوق بإكــبـاد الـنســاء كـأنـه خليقــة جـان لاينام على هــجــري
فقلن لها : أنت تريدين فتى ليس من أهلك
ثم قالت الثالثه : ألالـيــتـــه يـــكــســي الـجمـــال نـــديــــه له جـفــنة تـشــقى بــهاالـمــعـز والجــزر لــه حـكـمــات الـدهــر مــن غــير كـــبرة تـشـــين فــلا وان ولا ضــرع غــمـــــــــر فقلن لها : أنت تريدين ســـيداًشــريفاً
وقلن للرابعة : قولي فقالت : لاأقول فقلن لها : يا عدوة الله علمت مافي أنفسنا ولا تعلمينا ما في نفسك فقالت : ((زوج مــن عــود خــير مــن قــعــود)) فـمضت مــثلاً فزوجهن أربعهن وتركهن حولاً
ثم أتى الكبرى فقال لها : يابنيه كيف ترين زوجك ؟ قالت :خير زوج . يكرم الحليله , ويعطي الوسيله قال : فما مالكن ؟ قالت:خير مال : الإبل نشرب ألبانها جرعاً ونأكل لحمها مزعاً : وتحملنا وضعفتنا معاً فقال : يابنيه زوج كريم ومال عمــيم .
ثم أتى الثانية فقال : يابنيه , كيف زوجك ؟ قالت : خير زوج يكرم أهله . وينسى فضله قال : وما مالكم ؟ قالت : البقر تألف الفناء وتملأ الإناء وتودك السقاء ونساء مع نساء ثم قال : حظيت ورضيت .
ثم أتى إلى الثالثة فقال : يابنية كيف زوجك ؟ قالت : لاسمح بذرولا بخيل حكر قال : فما مالكم ؟ قالت : المعز . قال : وما هي ؟ قالت : لوأنا نولدها فطماً ونسلخها أدماً لم نبغ بها نعماء فقال لها : جذوة مغنيه
ثم أتى الصغرى فقال لها : كيف زوجك ؟ قالت : شر زوج يكرم نفسه ويهين عرسه قال :فما مالكم ؟ قالت : شر حال . قال : وما هو ؟ قالت : الضأن جوف لايشبعن وهيم لاينقعن وصم لايسمعن وأمر مغويتهن يتبعن قال أبوها:)) أشبه أمرؤ بعض بزه))
فمضت مثلاً وهذا المثل يضرب للمتشابهين أخلاقاً إيضاحات : أدواء النساء: أمراض النساء وحاجاتهن سري ومحتدي:أصــلي ونـســـبي الجفنة :البئر الصغيرتشبيهاً بجفنة الطعام تشين: تعيب غمر:جاهل
1- استنوقَ الجملُ. (يضرب مثلاً للرجل الواهن الرأي المخلط في كلامه). 2- أَنْ تِرد الماء بماءٍ أَكْيَسْ. (يضرب مثلاً للأخذ بالثقة والاحتياط). 3- أيُّ الرجال المهذب! (يضرب مثلاً للرجل يعرف بالإصابة في الأمور ثم تكون منه السقطة). 4- لا يطاع لقصيرٍ أمر. (يضرب مثلاً للرجل الخامل يقول الرأي الحكيم ولا يقبل منه). 5- تسمع بالمُعيدي لا أن تراه. (يضرب مثلاً لمن يكون أمره مشهوراً ولكن هيئته لا تدل على ذلك). 6- تحت الرّغوة الصريحُ. (يضرب مثلاً للأمر تظهر حقيقته بعد خفائها). 7- خلا لكِ الجُّو فبيضي واصفري. (يضرب لمن يخلى بينه وبين حاجته). 8- رُبَّ أخٍ لك لم تَلِدْهُ أُمُّك. (يضرب مثلاً لإعانة الرجل صاحبه وانخراطه في سلكه حتى كأنه أخوه لأبيه وأمه). 9- الصيفَ ضيعتِ اللبن. (يضرب مثلاً لمن يضيع الأمر، ثم يريد استدراكه بعد فوات الأوان). 10-القولُ ما قالتْ حذامِ. (يضرب مثلاً في تصَديق الرجل صاحبه). 11- ويلٌ للشَّجِىِّ من الخَلِيِّ. (يضرب لسوء مشاركة الرجل لصاحبه). 12- ما كلٌ سوداء ثمرة، ولا كل بيضاءَ شحمة. (يضرب في موضع التهمة وعدم وضوح الأمر).
ومن الأمثال ما ينسب لأشخاص مثل:
أسخى من حاتم. أشجع من ربيعة ابن مكدم. أدهى من قيس بن زهير. أعز من كليب واثل. آكل من لقمان، مواعيد عرقوب. صحيفة المتلمس.
مواقع النشر (المفضلة)