لو كنت نوراً
ماذا تُراني
كنتُ أفعلُ لأجل الآخرين
ماذا تُراني
أفعلُ لأجل الإنسان
لكنتُ لقَّنتُ كلَّ قسوةٍ درساً
لمن قلبه حجرٌ أصمّ
عن سماع شكوى المظلومين
ولكنتُ صبَغْتُ الليلَ ضياءً
لكيْ لا يقْربَِهُ الوسَن
ولا ينعم بلحظة غَفْو
لو كنتُ نوراً
لغسلتُ القلوب
ممَّا بها من أدران
،،
،،
لو كنتُ نوراً
لشدوْت للطفل
أحلى أجمل الألحان
لاحتضنتُه بدفء قلبي
لَمنحْتُه عُصارةَ حبّي
لحميتُه تحت جناحيَّ
وطرتُ به بعيداً بعيداً
عن مواطنِ الألم
عن حلَباتِ مُصارعةِ البُلداء
إلى عالم يَشعُّ بالبهاء
إلى أجواء النّقاء
وأُوصلُه لبرّ الأمان
،،
،،
ربيع جاء خريفاً
عواصفُ هلع
دوِيّ لم يكن منتظراً
فاستعمر أرضَه البتول
أقوامٌ يتجرّعون الأسى
في خيام التّشتّت
ما أقسى برْدَ النَّكبات
يا لشقاء البشرية
من غطرسة الأنا
و جنون الذّات
ما كان بالحسبان
هولُ المُصاب
يا لصُروفِ الغدْر
. أيُّ جور ألمَّ بها
و أيُّ طغيان
،،
،، ذاك الورد قلّت حيلته
مُثقَل بالهمّ
مُنفتحَ الصَّدرِ كان
مشرئبَّ العطر كالأحلام
يشعُّ كبرياءً
كالنشيدِ يزهو
بكل عنفوان
و تلك النديَّة
كالزهر في الأكمام
فراشة تطير
بين نسماتٌ رِطاب
توارى الأمل
خلف غيْمِ الحزن
هطل الوجع
لا الشباب سطع
و لا الشيخ ارتاح بعد عناء
قُطفت البراءة
صادروا ضحكاتِها
و نظرتَها إلى الأمام
وُئدتْ في تراب اليأس
و الجوع و الآلام
ماتت البسمات
في الأفنان
،،
،،
الربيع غيّر الاتجاه
سار حيث لا نعلم
تلك اللوحات
كانت بلون الورد
و صفاء السماء
باتت رماداً
... كثيفَ ضباب
يا لهول الآتي
إن الحال استمر
كما هو الآن
آهٍ لو كنتُ نوراً
يُبدِّد مساحاتِ الألم
يَمحو كلمات الظلام
لشيَّدتُ أبراجاً من أمان
ومهّدْتُ طريقا
بصَلابةِِ الفولاذ
بعطر الياسمين
و قلتُ هيت لك
انطلق وعِشْ بسلام
أيها الإنسان.
مواقع النشر (المفضلة)