الفصل الثالث
الجزء السابع
المزية العاشرة
الاقتصاد منظم تنظيما سالما من عيوب الرأسمالية ومن تهور الشيوعية .
إنه نظام نسيج وحده لا يشبهه نظام من النظم الاقتصادية السائدة في هذا الوقت . لم يضع الإسلام
تعاليم اقتصادية وسياسية ثابتة مستقرة ، لان هذه الامور قالبة للتغيير بحسب تغيرات الأحوال ،
وإنما وضع من المبادئ الاقتصادية ما يرى المصلحة في تحقيقها .
منها : تحريم الربا الذي هو إثراء على حسب المقترض المحتاج.
ومنها: تحريم الاحتكار وإن كان من الحكومة الذي يسمونه تأميما.
ومنها: كل معاملة يتعامل بها الناس فهي مباحة ما لم يكن فيها غش أو خيانة أو إضرار ، ولا عبرة
بمنع اتباع المذاهب من أنواع من المعاملات بآرائهم الواهية ، فإنهم شوهوا بذلك محاسن الشريعة الإسلامية وحرموا الناس من التمتع بسماحتها.
ومنها: حماية الملكية الفردية التي أخفقت الشيوعية بمنع الناس منها حتى أدى ذلك إلى تقاعس الناس عن العمل والزراعة ، لأن العامل يقول ' لا أتعب نفسي لتستفيد الحكومة '.
المزية الحادية عشرة
الشورى في الحكم الذي كان قبل الإسلام مختصا بالملوك والرؤساء ، فجعله الإسلام مبنيا على
المشورة ورأي الجمهور ، كما دلت عليه آية
( وشاورهم في الأمر) (64) وآية ( وأمرهم شورى بينهم ) (65).
ومن المعلوم أن الخلفاء الراشدين كانوا لا يبرمون أمرا إلا بعد مشاورة العلماء وذوي الرأي من الأمة .
ومما امتازت به الشورى الإسلامية أن الأقلية - التي لم يؤخذ برأيها - يجب عليها أن تسارع برأي
الأغلبية بدون نقد أو اعتراض.،وبهذا كانت الشورى الإسلامية ناجحة دون الشورى العصرية .
ويقول العلماء إن الدول الأوربية لم تعرف مبدأ الشورى إلا في القرن السايع عشر.
المزية الثانية عشرة
اعتبار العرف الجاري به العمل بين الناس ، والاعتماد عليه في الأحكام والمعاملة .
ويدل على ما ذكرناه آية
(وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) (66).
وآية
( إذا سلمتم ما آتيتم بالنعروف ) ( 67).
وآية
( وعاشروهن بالمعروف ) (68)
وآية
( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) (69).
أي بما هو معروف بين الناس وجرت به عاداتهم .
هذا الأصل وسع دائرة الأحكام الشرعية حتى وسعت تقريبا جميع النوازل على تغاير أشكالها.
المزية الثالثة عشرة
مبادرته إلى المبادئ التقدمية التي لم يهتد إليها المفكرون والعلماء الاجتماعيون إلا في القرن
العشرين.
منها : حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل .
منها : مبدأ المساواة بين الأجناس البشرية ومحاربة العنصرية .
ومنها : تحريم الربا والقمار الذي حرر الاقتصاد الإسلامي من قبضة الرأسمالية الجائرة.
ومنها : تحريم الخمر والمخدرات.
المزية الرابعة عشرة
ما له من القواعد الكلية التي تكون الشريعة بها صالحة لكل زمان .
والقاعدة قضية كلية تنطبق على جزئيات متعددة كقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات "
فهذه قضية كلية يندرج تحتها مسائل متعددة
منها : إباحة التداوي بنقل الدم من إنسان إلى إنسان آخر ، ذلك الحكم المأخوذ من آية
( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضررتم إليه ) (70).
1- من القواعد الكلية : مشروعية العدل والمساواة بين الناس في كل شيء ، فكل ما كان عدلا أو وسيلة إلى العدل ، فواجب في الإسلام العمل به وغن لم يكن هناك نص عليه بخصوصه.
2- ومنها : " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ". تؤخذ هذه القاعدية من نصوص متعددة
منها الصلاة بالإيماء عند الخوف على المال تقديما لدفع مفسدة ضياع المال على مصلحة الصلاة بالركوع والسجود.
ومنها : التيمم للمريض تقديما لدفع مفسدة المرض على مصلحة الوضوء.
3- ومن القواعد الكلية : " الضرورات تبيح المحظروات ".
أخذت هذه القاعدة من آية
( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضرتتم إليه ).
وينبني على هذه القاعدة فروع مختلفة
منها: إباحة الميتة للمضطر .
ومنها : التخلف عن الجمعة خوفا على المال والوظيفة .
4 - ومن القواعد الكلية : المشقة تكون سببا في التيسير
تؤخذ هذه القاعدة من آية
( وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ) (71).
ومن آية
( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) (72).
وآية
( فمن كان منكم مريضا أو على سفر أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) (73).
5- ومنها: الإتيان بالمستطاع التي تؤخذ من آية
( فاتقوا الله نا استطعتم ) (74).
6- ومنها : الخطأ والعمد في حق الناس سواء ، تؤخذ هذه القاعدة من آية
( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ) (75).
7- ومنها: إذا تعارض ضروران ارتكب أخفهما ، تؤخذ هذه القاعدة من آية
(فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) ( 76).
8- ومنها: سد ذرائع الشر والفساد ، تؤخذ هطه القاعدة من آية
( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا عدوا بغير علم ) (77).
9- ومنها: المحافظة على الأصول الخمسية ، وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال ، فكل ما يكون وسيلة إلى حفظ هذه الأصول فهو ( مصلحة ) زكل ما يفوت هذه الأصول فهو ( مفسدة ) .
والمحافظة على هذه الأصول الخمسة عليها ينبني القول بالمصالح المرسلة الذي كان له أثر عميق
في التشريع الإسلامي.
10- ومنها: الاجتهاد عند نزول النوازل الدينية والدنيوية ، كما دل عليه حديث معاذ
" كيف تصنع إذا عرض لك قضاء "
قال: اجتهد رأيي . رواه أبو داود والترمذي ، ولا بد من المشورة فيه (78).
11- ومنها: الأصل في الأشياء الإباحة ، تؤخذ هذه القاعدة من آية
( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) ( 79).
12- ومنها : الأصل في الأشياء الطهارة حتى تدل علامة على خلاف ذلك ، تؤخذ هذه القاعدة من
النصوص الدالة على جواز الانتفاع بكل شيء.
13- ومنها: رفع الحرج في الأعمال الشريعة التكليفية ، تؤخذ هذه القاعدة من آية
( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (80).
14- ومنها: إذا تعرض الأصل والغالب عمل بالغالب ، ومن فروعها : أن الأصل في المسلمين العدالة لكنه لما غلب عليهم الفجور عمل بالغالب وترك الأصل ، والأصل في أسواق المسلمين الحلال فإذا غلب التهاون والجراءة على الحرام عمل بالغالب .
15- ومنها : العمل بالظن في العبادة والمعاملة ، ومن فروعها : قبول شهادة من يظن صدقه ، وأكل الطعام الذي تطن حليته.
16- ومنها: اعتبار الأمارات في الاستدلال على الحق والتوصل إلى إقامة العدل ، دليلها أن النبي
( صلى الله عليه وسلم ) كذب ابن حيي حين أخفى المال بالعلامة التي دلت على كذبه في ان المال قد نفذ ، وكانت العلامة كثرة المال وقصر المدة .(81).
64) الآية (159) سورة آل عمران.
65) الآية (38) سورة الشورى.
66) الآية ( 233) سورة البقرة.
67)الآية (233à سورة البقرة.
68) الآية ( 19) سورة النساء.
69) الآية ( 288) سورة البقرة.
70)الآية (119) سورة الأنعام.
71) اللأية (42) سورة النساء.
72) الآية (184) سورة البقرة.
73) الآية ( 196) سورة البقرة.
74) الآية ( 16) سورة التغابن.
75) الآية ( 92) سورة النساء.
76) الآية ( 9) سورة الحجرات.
77) الآية (108) سورة الأنعام.
78) أخرجه أبو داود (2/272) والترمذي رقم ( 1227).
79)الآية (29) سورة البقرة.
80) الآية (185) سورة البقرة.
81) أخرجه أبو داود (2/141) وانظر شرح الزرقاني على المواهب اللدنية (2/229).
مواقع النشر (المفضلة)