الفصل الخامس

الجزء الثاني


وأقرأ كتابنا ( المرأة العصرية ) لتطلع على ما قاله علماء أوربا وأمريكا في الفساد الناشئ عن
اختلاط النساء بالرجال .
ومما شرعه الإسلام موافقا لمصلحة الإنسان :
فريضة الزكاة للرفق بالمساكين والمحتاجين .

ومما شرعه الإسلام لمصلحة الإنسان :
محاربة العنصرية وتحريم الطبقية .

ومما شرعه موافقا لنصلحة الناس:
حرية الاقتصاد وعدم وضع نظام اقتصادي معين يجب على المسلمين العمل به وحده.
لأنه لو فعل ذلك لكان فيه حرج عظيم على المسلمين ، لأن الاقتصاد والسياية لا يثبتان على حال ،
بل يتقلبان من زمن إلى زمن ، ويختلفان بين أمة أمة ، فيصلح لهذا الزمان ما لم يكن صالحا قبل
خمسين سنة.

لهذا لم يكن من مصلحة الناس تقييدهم في الاقتصاد بنظام معين مفروض ، بل وضع الإسلام مبادئ معلومة ، فرض على المسلمين مراعاتها ، وترك لهم الحرية بعد ذلك في أن يختاروا ما يناسب
الوقت ويساير أحوالهم الاقتصادية في كل وقت وفي كل مكان .
وتلك المبادئ هي:

- تحريم الربا.
- تحريم الاحتكار.
- تحريم الإسراف، وذلك يعرف بالعادة.
- تحريم الذهب والحرير.
- الحث على ان يستغني المسلم عن الناس بالعمل ، وأن لا يكون عالة عليهم.
- تحريم كسب المال بالغش والسرقة والخيانة والاحتكار ، وثمن المحرمات من الخمر والمخدرات
وسائر المحرمات.
- وجوب الصدقة بالمال المكتسب بالطرق المحرمة شرعا وإنفاقه على المسلمين.
- اعتبار الملكية الفردية وحمايته لها .
- الأمر بان يكون القصد من كسب المال هو الاستغناء عن الناس مع التحذير من ان يكون القصد الفخر بالمال والتعاطم على الناس بالغنى.
- الوصية بالعمال وحرية العامل في عمله.
- الأمر بأداء حقوق المساكين من المال.

فلما وضع الإسلام هذه المبادئ المهمة في الاقتصاد ، وفرض على المسلمين أن يعملوا بها ، وترك
لهم الحرية بعد ذلك في أن يعملوا بما يناسب أحوالهم الاقتصادية ، أدرك الاقتصاد الإسلامي من السمو والمروبة مكانة لم يدركها الاقتصاد الشيوعي أو الرأسمالي ، لأن تقييد الاقتصاد بنظام مخصوص عيب يعاب به الاقتصاد المقيد بذلك النظام المخصوص.

ولله در العقاد حيث قال:
"وإذا تقرر هذا في مجتمع إنساني فلا حرج عليه أن يتخذ له نظاما من نظم المعيشة الاقتصادية
كيفما كان " . انتهى من كتاباه ( ما يقال عن الإسلام ).

وقال أحمد أمين :
" لم يضع الإسلام تعاليم اقتصادية ثابتة مستقرة لأن هذه الأمور قابلة للتغيير بحسب تغيرات الأحوال " . انتهى من ( يوم الإسلام ) .

ويقول العقاد :
" إنما يناسب الدين أن يبين للناس قواعده التي يستقر عليها كل نظام صالح يأتي به الزمان ، ومن الأمثلة التي يحسن ذكرها هما كلما ذكر الدين ونطم الاقتصاد : ان الحياة الاقتصادية قامت في الغرب على رؤوس الأموال وفوائدها التي يدرو عليها عمل المصارف والشركات ، وشعدت بعض بلاد الغرب بعد ذلك ثورات اجتماعية قامت على تحريم رؤوس الأموال وفوائدها . فعل كان على
الإسلام أن يبدل عقائده بين هاذين المذهبين خلال جيلين متعاقبين ؟ كلا ، وليس عليه أن يبدل هذه العقائد إذا تبدل هذان المذهبان معا وجاء بعدهما مذهب ثالث لا يقدس روؤس الأموال ولا يحرمها .
وغنما أقام قواعد الاقتصاد التي يقام عليها كل نظام صالح ، ولا يتصور أنها تناقض نظاما منها كان بالأمس أو يكون بعد زمن طويل أو قصير ". انتهى من كتابه ( ما يقال عن الإسلام ) .

فما فعله الإسلام من عدم تعيين نظام مخصوص للاقتصاد الإسلامي يصح أن يكون معجزة من معجزات الإسلام التي تدل على أن الإسلام تنبأ بما سيكون في هذا العصر من اختلاف نطم الاقتصاد وتضاربها .

ولا يصح أن يقال : والمسيحية - أيضا - لم تعين للاقتصاد نظاما مخصوصا ، لأن المسيحية لم تتكلم على الاقتصاد بقليل ولا كثير بخلاف الإسلام فإنه تكلم في الاقتصاد ووضع فيه المبادئ المهمة الصالحة لكل زمان ، ومع ذلك لم يضع نظاما مخصوصا فرض على المسلمين أن يعملوا به ، فكان مناسبا لهذا العصر مناسبة يصح للعاقل أن يعدها معجزة كما قلنا .