"ما كنت لأقول شعراً ,بعد اذ علمني الله سورة البقرة , واّل عمران "لبيد بن أبي ربيعة
لم يدن القراّن الكريم الشعر والشعراء بشكل مطلق .فبين الشعراء من "اّمن وعمل الصالحات ,وذكر الله كثيراً" ولهذا فان من الشعر ما ينطق بلأيمان ,ويذكر الله ومن هنا لم يحرم القرأن الكريم الشعر , وانما وجهه وجهة أخرى :ربطه با لدين والقيم المنبثقة عنه ,فجعله أداةً لخدمته
وهكذا نستطيع أن نتبين الوظيفة الجديدة للشعر التي أشار اليها القران الكريم . وأضحها النبي الكريم وثبتها في سنته قولاً وعملاً ... كأن يقول فيما يروى : " انما للشعر كلام مؤلف فما وافق الحق منه فهو حسن ,وما لم يوافق الحق منه, فلا خير فيه" أو يقول أيضاً : "انما الشعر كلام , فمن الكلام الخبيث والطيب " يظهر لنا أن النبي الكريم نظر الى الشعر نظرته الى الكلام , فأستحسن الحسن , واستقبح القبيح . الحسن ما كان في مدح الله والدين , وهجاء أعدائهما .... فلشعر اذن اصبح وسيلة لنشر الدعوة الاسلامية أو وسيلة اعلامية له . هذا كله يدل على أن النبي كان يعتبر الشعر مؤثراً وفعالاً, ومن هنا نفهم موقفه في أمتداح الشعر الذي يتبنى قيم الأسلام ويدافع عنها وذم الشعر الذي يخرج عن هذه القيم ,والنهي عن روايته ..
_فقد كان ينهى عن روايةبعض الشعر الجاهلي ...... فيما يروى : " لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خيراً له من أن يمتلىء شعراً " حيث ينهى عن رواية بعض من الشعر الجاهلي ...
لم يقف الإسلام عائقاً في وجه الشعر والنثر أبداً بل على العكس من هذا لقي الأدباء في الإسلام معيناً في تهذيبه والارتقاء به في المبنى والمعنى، حيث ظل مزدهراً ودليل على ذلك كتب الأدب والتاريخ التي تزخر بما نُظم من أشعار في صدر الإسلام.... فالقارىء لكتب الأدب والتاريخ كالأغاني وتاريخ الطبري وسيرة ابن هشام وكتب الصحابة كالإصابة والاستيعاب سيجد الشعر يسيل على كل لسان.....
كما يمكنكم الرجوع إلى الأصمعيات والمفضليات لتجدوا أنهما يحتفظان بقصائد للمخضرمين من الشعراء في ذلك العصر..... بالإضافة إلى ابن قتيبة في كتابه الشعر والشعراء قدّم نماذج وتراجم لكثير من الشعراء الإسلاميين..... واتّبع ابن سلام الجمحي نهج ابن قتيبة في مؤلفه طبقات فحول الشعراء وعرض تراجم مجموعة كبيرة من الشعراء المجودين في العصر الإسلامي مع نماذج من أشعارهم....
فيما يتعلق بإدانة الإسلام للشعر وتحريمه.... حيث اتخذ الكثيرون من قوله تعالى: { والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وانهم يقولون ما لايفعلون. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكرواالله كثير وانتصروا من بعد ما ظلموا} سورة الشعراء
وسيلة لمهاجمة الشعر وإدانته......
واضح في النص القرآني أنه يهاجم ويدين شعراً بعينه كان يؤذي الله ورسوله وليس أي شعر..... إنما الآيات تدين شعراء المشركين الذين اتخذوا من الشعر أداة لطعن الدعوة وهجاء الرسول....أو أخرين ممن يزينون الباطل حق ممن يتقولون ويرفعون شعار أن أعظم الشعر أكذبه
كان الرسول يعجب بالشعر ويستحسنه مما روي عنه أنه قال:" إن من البيان لسحراً وإن من الشعر لحكماً وحكمة"....
كما كان يحض شعراء الدعوة كحسان وغيره على نظمه..... وقد اتخذه بعض الشعراء وسيلة لاسترضاء النبي وطلب عفوه ككعب بن زهير في لاميته الشهيرة التي أنشدها طالباً الصفح عن إساءته للرسول فتهلل وجه الرسول بشراً عند إنشادها وخلع عليه بردته... قائلاً فيها:
أُنْبِئْتُ أَنَّ رسُـــولَ اللهِ أَوْعَـدَنِي والعَفْوُ عندَ رَسُـولِ اللهِ مَأْمُــــولُ
وقَدْ أَتَيْـتُ رَسُــولَ اللهِ مُعْتَـذِرَاً والعُذْرُ عندَ رَسُـولِ اللهِ مَقْبُـــولُ
مَهْلا هَدَاكَ الذي أَعْطَـاكَ نَافِلَةَ الـ قُرْآنِ فيهـا مَوَاعِيـظٌ وتَفْصِيــــلُ
وها نحن نرى عمر بن الخطاب اشتهر عنه أنه كثيراً ما كان يسأل وفود القبائل عن شعرائهم وكان يطلب منهم إنشاده....
يقال أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري واليه على البصرة:" مر من قبلك بتعلم الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي ومعرفة الأنساب"....
نعم هكذا كانت مكانة الشعر في العصر الإسلامي خرجت من بوتقة الفضائل القبلية إلى رحاب الدين الإسلامي وفضائله....,
؟
الموضوع الأصلي: هكذا كانت مكانة الشعر في العصر الإسلامي // الكاتب: البسيط // المصدر: خير بلدنا الزراعي
مواقع النشر (المفضلة)