قالوا : لَم تَكُنِ الكُنية لأَحَدٍ مِن الأَمَمِ إلا العرب وهي مِن مَفاخرهم وقال بعضهم :
أُكنِّيِه حِين أُناديهِ لأُكرمهُ
ولا أَُلَقِّبُهُ والسوءة اللقَبُ.
والرجلُ يُكَنّى باسم ولده والمرأةُ كذلك ، وإذا كَنَّوا مَن لَم يَكُن له ولد فعلى جهة التفاؤل .
وقد يُكَنّون بِما يُلائِمُ المُكنّى مِن غَيرِ الأولاد
كقولهم أبي لهب لحُمرَة خديه ولونه .
وقال الزمخشري :
وسمعتهم يكنون الكبيرَ الرأسِ والعمامة بأبي الرأس وأبي العمامة .
و " الكنية " هي كل ما بدئ بـ " أب " أو " أم " ، بخلاف الاسم ، وبخلاف اللقب .
" الكنية " أيضا مما يُمدح به المرء ويُكرَّم بخلاف اللقب الذي يكون المدح والذم .
ولا مانع من تكنية الصغير ، ولو قبل الفطام ، أو أول ولادته ، ذكراً كان ، أو أنثى .
وقد ذكر أهل العلم فوائد متعددة من تكنية الصغير ، ومنها :
تقوية شخصيته ، وإبعاده عن الألقاب السيئة ، وأيضاً تفاؤلاً بأنه سيعيش حتى يولد له .
وقد ثبتت تكنية الصغير في السنَّة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم
..
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ :
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا
وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ : " أَبُو عُمَيْرٍ " – أَحْسِبُهُ فَطِيمًا – قَالَ :
فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ قَالَ :
( أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ؟ )
قَالَ : فَكَانَ يَلْعَبُ بِهِ .
رواه البخاري ( 5850 ) ومسلم ( 2150 ) .
والنُّغَيْرُ : طائر صغير يشبه العصفور ، وقيل : هو البلبل .
والحديث بوَّب عليه البخاري رحمه الله بقوله :
" باب الكنية للصبي ، وقبل أن يولد للرجل " .
قال النووي رحمه الله :
" وفى هذا الحديث فوائد كثيرة جدّاً ، منها :
جواز تكنية من لم يولد له ، وتكنية الطفل ، وأنه ليس كذباً " انتهى .
" شرح مسلم " ( 14 / 129 ) .
وقال ابن ماجه : باب الرجل يُكنى قبل أن يُولد له.
ثم ساق بإسناده إلى حمزة بن صهيب أن عمر قال لصهيب :
مَالَكَ تَكتني بأبي يحيى ، وليس لك ولد ؟
قال : كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي يحيى .
ورويَ من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم :
كُلّ أزواجك كنّيته غيري .
قال : فأنت أم عبد الله .
والحديث رواه الإمام أحمد في المسند .
وروى أبو داود والنسائي من طريق شريح بن هانئ عن أبيه هانئ
أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعه وهم يكنون هانئا أبا الحكم
فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له :
إن الله هو الحكم وإليه الْحُكْم ، فلم تكني أبا الحكم ؟
فقال : إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فَحَكَمْتُ بينهم ، فرضي كلا الفريقين .
قال : ما أحسن من هذا فما لك من الولد ؟
قال : لي شريح وعبد الله ومسلم .
قال : فمن أكبرهم ؟
قال : شريح .
قال : فأنت أبو شريح .
فَدَعَا له ولولده .
مواقع النشر (المفضلة)